وطن في المزاد العلني كتاب يجمع بين السخرية اللاذعة والتحليل السياسي العميق، ويقدّمه الكاتب السوري سعيد لحدو كصرخة ضد العبث والفساد والاستبداد الذي طبع الحياة السياسية في سوريا ومحيطها العربي. في هذه المجموعة من المقالات، يُشرّح الكاتب الواقع بأسلوب تهكمي ساخر، محمّلٍ بالغضب والمرارة، حيث لا يتورع عن تعرية كل الشعارات الزائفة، والاحتفاء الكاذب بالوطنية، والمسرحيات الانتخابية، واستثمار الأنظمة المتواطئة لدماء شعوبها تحت لافتات الكرامة والمقاومة.يُظهر الكاتب قدرة لافتة على اختزال المأساة السورية في لوحات مشهدية عبثية، يعرض فيها الأرض والشعب والمؤسسات للبيع في مزاد علني، مجازًا فاضحًا لحقيقة الانهيار الوطني الذي صنعه الاستبداد. يغوص في مفاصل السلطة وآليات اشتغالها، من تسليع البشر إلى تطويع الإعلام والقضاء والتعليم، ويُدين بالتوازي سلوك المعارضات الشكلية والانتهازية، التي كرّست الاستبداد بوجه آخر. ثم ينتقل إلى قضايا حساسة تتعلق بحقوق الأقليات، لاسيما المسيحيين والأكراد، مستعرضًا الاضطهاد الصامت والتواطؤ الرسمي مع موجات التطرّف الديني والإرهاب الذي غذّته الأنظمة ذاتها.ليست السخرية في هذا الكتاب مجرد وسيلة للتسلية، بل هي أداة مقاومة، وسلاح لغوي يكشف الانحطاط السياسي والأخلاقي الذي بات مهيمنًا. يكتب لحدو كما لو أنه يوقظ القارئ من غيبوبة جماعية، فينزع القناع عن السيادة والشرعية، ويذكّر أن القاتل لا يزال يتجول حرًا لأن الضحية لم يُسمح لها بالصراخ. كل مقال في الكتاب يُشبه شهادة موجعة على زمن عربي بلا عدالة، حيث القهر فضيلة، والخيانة اجتهاد وطني، والحرية شبهة لا تُغتفر.بجرأة فكرية وحسّ ساخر، ينجح الكاتب في تحويل الألم إلى مادة فكرية، تخرج من إطار الزمان السوري لتجد صداها في أي نظام عربي يعيد إنتاج نفسه بالعنف والكذب والتضليل. كتاب لا يصلح للقراءة العابرة، بل يتطلب قارئًا يمتلك جرأة الاعتراف بأن المزاد لم يُغلق بعد، وأن الأوطان لا تُباع فقط على الورق، بل تُفرّط بها كلّما صمت الناس عن جلاديهم.
Piracy-free
Assured Quality
Secure Transactions
Delivery Options
Please enter pincode to check delivery time.
*COD & Shipping Charges may apply on certain items.