بنات اليانسون

<p class=ql-align-right>يبدأ كلّ شيء ببذرة: بذرة يانسون تهتزّ للضوء، وطفل يرى العالم من بين أنامل النساء اللواتي ينسجن الحياة كما ينسجن الندى على وجه الصباح. في تلك القرية التي تُشبه خفقةً معلّقة بين الماضي والمصير، يتعلّم الفتى أن الأرض تُنبت أجساداً، لكنها لا تستطيع أن تُنبت ظلالاً تحميهم من اتّساع الزمن.</p><p class=ql-align-right>تضيق الحقول بقحطها، يدفعه القدر إلى مدينة تُفتح فيها الأبواب على احتمالات لا تشبه شيئاً من طفولته. في مشغلٍ تضجّ فيه الأصوات والوجوه والأقمشة، يتعرّف إلى قلبه كما لو كان صفحةً تُقلب لأول مرة، ويرى في البنات أنواراً تتجاور فيها الندبة والبراءة.</p><p class=ql-align-right>هناك - بين ضوء المدن وظلال القرى - يكتشف أنّ الإنسان لا يبحث عن الحبّ بقدر ما يبحث عن ذاته الضائعة فيه؛ وأنّ الذاكرة، مثل اليانسون، تُزهر دائماً في أماكن لا نتوقّعها، وتمضي كما لو أنّها تعلّمنا معنى أن نكبر بلا دليل سوى رائحةٍ تظلّ خلفنا... لا تزول.</p>