الديوان القمري

<p class=ql-align-right>بين عتمة الليل ونور القمر، تنسج الحروف حكاية لا تشبه القصص المعتادة، بل هي رحلة تتقاطع فيها الأرواح عبر الزمن. في الديوان القمري، يأخذنا الكاتب مؤمن محمد في مغامرة فريدة يُطلق عليها الرواية الشعرية، حيث لا يكتفي النص بسرد الأحداث، بل يجعلك تتنفس مشاعر أبطاله من خلال القصيد.</p><p class=ql-align-right>تبدأ الرحلة مع ثلاثة شعراء، يفرق بينهم الزمان ويجمعهم الوجع والبحث عن السكينة. نعود أولاً إلى عام 1175م، حيث صراعات الدولة الأيوبية الناشئة، لنلتقي بشابٍ يصارع وحشته بين جدران منزله، ممزقاً بين برّ أهله وبين قناعاته التي ترفضها قلوبهم، يكتب بمداد من نور القمر ليداوي جراح روحه المنكسرة. ثم ننتقل إلى الحاضر، لنشهد معركة العفة في زمنٍ طغت فيه المادة، حيث يبحث الشاعر الثاني عن سكنٍ حلال في مجتمعٍ لم يعد يرى من الإنسان إلا ما يملكه في جيبه، صرخة مكتومة ضد تقاليد قست على الشباب والفتيات حتى كادت تخنق أحلامهم بالاستقرار. وأخيراً، نطلّ على المستقبل، حيث يواجه الشاعر الثالث عالماً شاحباً تذبل فيه الأشجار وتضيق فيه سبل التوبة، صراع أبدي بين الذنب والاستغفار، وبحث مستميت عن بصيص طهر وسط ركام الفتن.</p><p class=ql-align-right>الديوان القمري ليس مجرد كتاب للقراءة، بل هو تجربة تفاعلية يدعوك فيها الكاتب لتكون شريكاً في التأليف؛ تارةً تضع عناوينك الخاصة، وتارةً تفكّ شفرات الأبيات لتعرف أي الشعراء الثلاثة قد خطّها بقلبه. إنه مرآة لكل روحٍ شعرت يوماً بالغربة، ولكل قلبٍ لا يزال يؤمن أن رحمة الله أوسع من ضيق الدنيا وعوائق البشر.</p>