<p class=ql-align-right>في مدينة وجدة التي لم تكن تعرف سوى رائحة الكدّ والحرمان، وُلِد عبد الغني الأصغر بين إخوته. لم يجد الفتى في طفولته سوى فقرًا قاسيًا، وعبء أبٍ مكافح يصارع الحياة. لكن الحرمان لم يترك له مجالًا للمقاومة، ففي الرابعة عشرة، وعلى وقع ليلة غارقة في السُكر ، تبلورت مرارته في عمل عنيف لا عودة منه، جريمة قتل أفاضت كأس الغضب وأجبرته على الهروب من كل شيء.</p><p class=ql-align-right></p><p class=ql-align-right>عشر سنوات أو يزيد، قضاها الهارب مطارَدًا بين زوايا المغرب المظلمة. سنوات سوداء نقش فيها بيديه تاريخًا من الانتهاكات والحماقات: من القتل إلى الاغتصاب، ومن السرقة إلى الاحتيال. لم يكن عبد الغني سوى فتى تائه يسعى للنجاة بأي ثمن. لكن القدر الذي سلب منه الطفولة منحه موهبة؛ ففي الدار البيضاء، قرر أن يستغلّ فنه في الرسم ليصعد السلّم، محققًا ثروة وعزًّا وشهرة عالمية، ليصبح فنانًا يملك كل ما حرمه منه ماضيه.</p><p class=ql-align-right></p><p class=ql-align-right>لكن الذاكرة لا تخون، وإنما تعود لتكشف عن خدعة وجودية. فعلى أعتاب عامه الواحد والسبعين، وبعد سبعة وخمسين عامًا من الفرار ، يكتشف عبد الغني سرًّا ينسف كل ماضيه الملطخ بالدماء : إنها علّة الفصام. المرض النفسي الذي جعل الحدود بين الواقع والوهم تتلاشى. أيٌّ من تلك الجرائم التي ارتُكبت كانت حقيقة؟ وأيُّها كانت مجرد صور صنعها العقل المريض؟ وهل كان مقتل والده، الذي ما زال عالقًا في ذاكرته، جزءًا من هذا الوهم الكبير؟</p><p class=ql-align-right></p><p class=ql-align-right>بقرار حاسم في مقهى بني زناسن العتيق، يبدأ عبد الغني رحلة العودة. ليست عودة إلى الديار فحسب، بل رحلة شاقة عبر نقاط ذاكرته المطبوعة بالفرار، من الحاضر اللامع إلى الماضي الغامض، بحثًا عن الحقيقة التي قد تكون أكثر رعبًا من الوهم. العودة ليست مجرد رواية، <strong>بل هي رحلة وجودية مظلمة تسأل القارئ: ماذا تفعل إن اكتشفت أن كل ما عشتَه كان كذبة صنعها عقلك؟</strong></p>
Piracy-free
Assured Quality
Secure Transactions
Delivery Options
Please enter pincode to check delivery time.
*COD & Shipping Charges may apply on certain items.