الصندوق الأسود

<p class=ql-align-right>في برلين الباردة، يواصل المهندس أحمد محاولته البائسة لدفن الماضي تحت ركام النجاح والمسافات. حياته الهادئة، التي صُنعت بعناية لتبدو منفصلة عن صخب القاهرة ومرارة الذكريات، هي مجرد قشرة هشة تخفي جرحًا قديمًا يمتد أثره حتى معصمه. هو الشاب الذي يملك كل شيء إلا مفتاح <strong>الصندوق الأسود</strong> الخاص بعائلته، ذلك الرمز المشؤوم الذي يُخزن حقيقة مؤلمة ربطت مصيره بمصير أمه التي لا تزال أسيرة لذنب لا يُغتفر.</p><p class=ql-align-right>لم يكن اتصال عمه يسري مجرد محادثة عابرة؛ بل كان صافرة إنذار أعادت تشغيل ملف أُغلق لسنوات، ملف يفوح برائحة الخيانة والندم. فجأة، يجد أحمد نفسه يجرجر ذيل ماضيه الثقيل بين العاصمتين، محاولًا فك شفرة رسالة غامضة تحمل بين طياتها اعترافًا مؤلمًا واعتذارًا متقطعًا، ذاك الاعتذار الذي ظل يتردد في أذنه: أنا آسفة يا ابني، علشان خاطر بابا سامح.... هذه الكلمات ليست مجرد ندم، بل هي المفتاح الأخير لكشف السر الذي سيقلب كل الموازين.</p><p class=ql-align-right><strong>الصندوق الأسود</strong> ليست مجرد رواية تقرأ؛ إنها مغامرة نفسية عميقة وغوص في دهاليز الذاكرة، حيث يتشابك الحاضر المضلل مع ماضٍ لم يُغفر بعد. إنها رواية عن الأعباء التي يحملها الأبناء بالنيابة عن آبائهم، وعن ثمن الحقيقة الذي قد يكون باهظًا لدرجة تدمير حيوات بأكملها. هل يمكن لـ صندوق أسود أن يُفتح دون أن يفضح السر الذي سيُعيد تعريف كل من أحبهم أحمد؟ تتبع منى علي ببراعة خيوط الحقيقة المتناثرة، لتقدم لنا عملًا لا يُنسى عن <strong>الخلاص، والندم، والحب الذي لا يموت رغم كل شيء.</strong> الرواية سؤال مفتوح: هل الشفاء من الماضي ممكن حين يكون الماضي نفسه هو الخطر القادم؟</p>