من بين الخراب والدمار تعالى صوتُها تستنجد طالبة بابا... في ذلك اليوم، محت الحرب كلَّ جميلٍ: قريتها ومنزلها وعائلتها، و... ذاكرتها. هو كان هناك. رأى كلّ شيء. سمع نداءها، ولبّاه. رأى فيها الابنة التي فقدها. حملها معه إلى باريس، ومنحها منزلًا وكنفًا وذكريات جديدة. لكنّ ذلك اليوم الدامي الذي خطف منها طفولتها كان قد صفح عن أمّها. سنوات كثيرة مرّت. خلالها، بقيت أمٌّ ملهوفة تنتظر احتضان ابنة. وكبرت ابنة، وتذكّرت... كم قصّة مثل هذه ظلّلت تاريخنا؟ إنّها إحدى حَكايا الحرب التي قد تحصد الكثير لكنّها تظلّ عاجزة أمام طائر الفينيق، طالما أنّها لا تقوى على مصادرة الأمل.وصل الصحافيّ الفرنسيّ برنار دو لو إلى لبنان ليغطّي أحداث الحرب الأهليّة، أو لعلّ صدفة ما هي التي حملته إلى تلك القرية، في ذلك اليوم بالذات. كانت الدامور، على غرار قرى لبنانيّة أخرى، قد مسحتها القذائف. بين الأنقاض، سمع برنار صوت فتاة صغيرة تنادي بابا. للوهلة الأولى، ظنّ أنّه يهذي وأنّ من ينادي هي ابنته ماريان التي فقدها في حادث مؤسف. فكيف به يتركها هناك، يتيمة، مشرّدة وفاقدة ذاكرتها؟ حملها معه وهرّبها من لبنان، وربّاها في باريس، العاصمة التي احتضنت لبنانيّين كثيرين. كبرت ماريان دو لو سعيدة، غافلة عن المعاناة، إلى أن التقت أحد أبناء بلدها الأمّ، فرأت في محيّاه وجوهًا مألوفة، وسمعت في صوته نغمات دغدغت أوتار قلبها، وأعادت إليها ذكريات فتاة اسمها وداد.
Piracy-free
Assured Quality
Secure Transactions
Delivery Options
Please enter pincode to check delivery time.
*COD & Shipping Charges may apply on certain items.